Monday, March 11, 2019

جرعة الدقائق الخمس

الغارديان نشرت تقريرا لمراسل شؤون النقل غوين توبام يقول فيه إن المقولة الشهيرة التي تؤكد أنه كلما كانت الطائرة أحدث كلما كانت أكثر أمنا ليست صحيحة على الدوام.
ويوضح توبام أن طائرة الخطوط الإثيوبية هي ثاني طائرة من طراز بوينغ تتحطم خلال 4 أشهر، الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام على الشركة الأمريكية المصنعة.
و يضيف توبام أنه رغم أن المعلومات المتوفرة عن الحادث قليلة حتى الآن، فإن الحكومة الإثيوبية أكدت أن الطيار يحظى بخبرة كبيرة وسجل حافل وممتاز من حيث ساعات الطيران وأنه قام بالاتصال ببرج المراقبة ليبلغ عن مشاكل ويطلب العودة بالرحلة.
ويقول توبام إن "سجل الطيران المدني في أفريقيا لم يكن جيدا في أي وقت من الأوقات، إلا أن شركة الطيران الإثيوبية تعتبر استثناء في هذا المجال، وإن الخبراء في شركة بوينغ يستعدون لتحقيق دولي موسع للوصول إلى أسباب الحادث".
ويشير توبام إلى أن طائرة بوينغ من طراز حديث هو 737 ماكس 8 والتي دخلت الخدمة قبل 4 أشهر فقط وتعقد مقارنات سريعة بين هذا الحادث وحادث طائرة شركة ليون قبل نحو 4 أشهر وهي من نفس الطراز.
ويضيف توبام أن طائرة شركة لايون إير الإندونيسية تحطمت بعد 12 دقيقة فقط من إقلاعها بعدما سجل الصندوق الأسود ارتفاعا وهبوطا بشكل متكرر ومفاجيء، وأن هناك نحو 300 طائرة من هذا الطراز تعمل في مختلف أنحاء العالم كما تصنع الشركة 500 طائرة أخرى منها تنفيذا لعقود أبرمتها مع شركات طيران مختلفة.
ويوضح توبام أن الطيارين في مختلف انحاء العالم عبروا عن غضبهم بعد حادث طائرة شركة لايون إير بعدما اتفقوا على أن نظام الملاحة الآلية المطور والمزود بتقنيات جديدة في هذا الطراز لم يتم تقديمه بشكل كاف لهم ولم يتم تدريبهم عليه.
قبل أكثر من قرن من الزمان، كتب عالم التاريخ الطبيعي الأمريكي جون موير يقول: "تعالوا إلى الغابات، فهي موطن الراحة والسكون". ولم يكن ذلك غريباً، نظرا لأن موير الذي عاش في القرن الـ 19 كان واحداً من أوائل من دعوا إلى ارتياد الحدائق والمتنزهات العامة في الولايات المتحدة.
وقد قضى موير جانباً كبيراً من حياته في استكشاف منطقة يوسَمتي ذات الحياة النباتية المزدهرة في بلاده وكذلك سلسلة جبال سييرا نيفادا، وكتب بغزارة عن إيمانه بدور الطبيعة في إثراء الأرواح والأبدان، قائلاً: "الجميع يحتاج إلى الجمال بقدر احتياجه لرغيف الخبز؛ إلى بقاعٍ تشهد لهوه وصلاته كذلك، حيث يمكن للطبيعة أن تضمد الجروح، وتهب القوة للجسد والروح".
على أي حال، يبدو أن موير اكتشف شيئاً مهماً بالفعل، فهناك أدلةٌ متزايدةٌ تفيد بأن قضاء المرء جانباً من وقته بين ربوع الطبيعة يجعله أكثر صحة وسعادة.
ورغم أن ذلك يندرج في إطار ما يشعر به الكثيرون غريزياً؛ فإن طبيعة الحياة الحالية تجعلنا مشغولين بأعمالنا، ومُشتتين بفعل التكنولوجيا، ونعيش على الأغلب في مناطق حضرية بعيداً عن البقاع البرية. كما أننا لا نخرج إلى المناطق المفتوحة كثيراً، فالأمريكي العادي يقضي - على سبيل المثال - 90 في المئة تريباً من وقته بين الجدران وفي الأماقكن المغلقة.
لكن ما الذي يمكن أن نستفيده إذا ما خصصنا ساعةً يومياً للتجول في الهواء الطلق؟ وهل يشكل المكان الذي سنذهب إليه في هذه الحالة فارقاً؟ وما هي قيمة أن نستقطع وقتاً خلال يوم العمل المشحون للتجول خارج المبنى الذي يعمل كلٌ منّا فيه؟
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، تكتسب فكرة أننا نجني فوائد من وجودنا وسط ربوع الطبيعة زخماً وقبولاً. ففي البداية، ظهرت "فرضية بيوفيليا"، وهي نظريةٌ تفيد بأن لدى البشر رغبة فطرية في التواصل مع الطبيعة. ثم أعقب ذلك ظهور مفهوم يابانيٍ يُعرف بـ "شينين يوكو"، ويتلخص في أن "امتصاصك لأجواء الغابات وهوائها يمكن أن يفيد صحتك". ومنذ بلورة هذا المفهوم، حدد الباحثون المعنيون به مجموعةً كبيرةً من الفوائد الفسيولوجية والنفسية الناجمة عن تبنيه والمضي على دربه.
وفي الوقت ذاته، تشير دراساتٌ أُجريت على مستوى العالم إلى أن قضاءك وقتاً بين أرجاء الطبيعة، يمكن أن يؤدي - مثلاً - إلى استعادتك القدرة على التركيز، وتعزيز قدراتك الابتكارية والابداعية، وتقليص مخاطر إصابتك بالاكتئاب، بل وحتى المساعدة على إطالة العمر.
وبطبيعة الحال، يعيش الكثيرون منّا في مدنٍ لا توجد فيها إمكانية الوصول بسهولة إلى غابات. لكن نيسبِت تقول إن الأمر لا يتطلب بالضرورة وجود غابة، وذلك في ضوء وجود الكثير من الدراسات التي أظهرت أن للمساحات الخضراء في المدن تأثيراتٍ إيجابيةً.